فصل: من فوائد ابن العربي في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال السعدي:

المقصود من اليمين، والقسم تعظيم المقسم به، وتأكيد المقسم عليه، وكان الله تعالى قد أمر بحفظ الأيمان، وكان مقتضى ذلك حفظها في كل شيء، ولكن الله تعالى استثنى من ذلك إذا كان البر باليمين، يتضمن ترك ما هو أحب إليه، فنهى عباده أن يجعلوا أيمانهم عرضة، أي: مانعة وحائلة عن أن يبروا: أن يفعلوا خيرا، أو يتقوا شرا، أو يصلحوا بين الناس، فمن حلف على ترك واجب وجب حنثه، وحرم إقامته على يمينه، ومن حلف على ترك مستحب، استحب له الحنث، ومن حلف على فعل محرم، وجب الحنث، أو على فعل مكروه استحب الحنث، وأما المباح فينبغي فيه حفظ اليمين عن الحنث.
ويستدل بهذه الآية على القاعدة المشهورة، أنه «إذا تزاحمت المصالح، قدم أهمها» فهنا تتميم اليمين مصلحة، وامتثال أوامر الله في هذه الأشياء، مصلحة أكبر من ذلك، فقدمت لذلك.
ثم ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين فقال: {وَاللَّهُ سَمِيعٌ} أي: لجميع الأصوات {عَلِيمٌ} بالمقاصد والنيات، ومنه سماعه لأقوال الحالفين، وعلمه بمقاصدهم هل هي خير أم شر، وفي ضمن ذلك التحذير من مجازاته، وأن أعمالكم ونياتكم، قد استقر علمها عنده. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من فوائد ابن عرفة في الآية:

قوله تعالى: {وَلاَ تَجْعَلُواْ الله عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ}.
قيل: أي مانعا من أيمانكم. وأطلق اليمين على المحلوف عليه مجازا، أي لا تجعلوه مانعا من فعل ما حلفتم عليه، وقيل أي لا تكثروا الحلف به وإن كان ذلك تعظيما له خشية أن يفضي بكم ذلك إلى التهاون وعدم التعظيم فأحرى فيما عداها.
قال ابن عرفة: وعلى الوجه الأول يكون في الآية عندي دليل على أنّ الاسم غير المسمّى لأن الجعل لا يتعلق بالذات الكريمة، وإنّما يتعلق بالألفاظ الدّالة عليها بخلاف قولك: جعلت زيدا حائلا بيني وبين كذا. وكذلك أيضا على الثاني لأن الحلف إنّما هو بالألفاظ لا بالذات.
قال ابن عرفة: وقول الله تعالى: {أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ}.
قيل إرادة البرّ، وقيل أي إرادة أن تكونوا أبرارا فعلى الأول تكون ترقيا، لأن التقوى أخص من البر، والإصلاح بين الناس أخص. اهـ.

.قال صاحب البحر المديد:

كثرة الحلف مذموم يدل على الخفة والطيش، وعدم الحلف بالكلية تعسف، وخيرُ الأمور أوساطها، كان عليه الصلاة والسلام يحلف في بعض أحيانه، يقول: «لاَ وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ» «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ» والله تعالى أعلم. اهـ.

.من فوائد ابن العربي في الآية:

قال رحمه الله:
قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاَللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي شَرْحِ الْعُرْضَةِ:
اعْلَمُوا وَفَّقَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ عُرْضَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يَتَصَرَّفُ عَلَى مَعَانٍ، مَرْجِعُهَا إلَى الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ اعْتَرَضَ فَقَدْ مَنَعَ، وَيُقَالُ لِمَا عَرَضَ فِي السَّمَاءِ مِنْ السَّحَابِ عَارِضٌ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْ رُؤْيَتِهَا، وَمِنْ رُؤْيَةِ الْبَدْرَيْنِ وَالْكَوَاكِبِ. وَقَدْ يُقَالُ هَذَا عُرْضَةٌ لَك أَيْ عُدَّةٌ تَبْتَذِلُهُ فِي كُلِّ مَا يَعِنُّ لَك.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: الصَّمَدْ لِأَيَّامِ الْحُرُوبِ، وَهَذِهِ لِلْهَوَى، وَهَذِهِ عُرْضَةٌ لِارْتِحَالِنَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي الْمَعْنَى:
قَالَ عُلَمَاؤُنَا: فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ: الْأَوَّلُ: لَا تَجْعَلُوا الْحَلِفَ بِاَللَّهِ عِلَّةً يَعْتَلُّ بِهَا الْحَالِفُ فِي بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ؛ وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَأَنْ يَلِجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثَمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَنْ يُعْطِيَ عَنْهَا كَفَّارَةً» قَالَ ذَلِكَ قَتَادَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٌ.
الثَّانِي: لَا يَمْتَنِعُ مِنْ فِعْلِ خَيْرٍ بِأَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ يَمِينٌ أَنْ لَا يَكُونَ.
الثَّالِثُ: لَا تُكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ عُرْضٍ يَعْرِضُ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} فَذَمَّ كَثْرَةَ الْحَلِفِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: {أَنْ تَبَرُّوا}:
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَجْعَلُوا الْيَمِينَ مَانِعًا مِنْ الْبِرِّ، وَهُوَ مَعْنَى الْحَدِيثِ: «لَأَنْ يَلَجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثَمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَنْ يُعْطِيَ كَفَّارَةً عَنْهَا» وَتَحْقِيقُ الْمَعْنَى أَنَّهُ إنْ حَلَفَ أَوَّلًا كَانَ الْمَعْنَى أَنْ تَبَرُّوا بِالْيَمِينِ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ كَانَ الْمَعْنَى أَنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا، وَيَدْخُلُ أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَيَجْتَمِعَانِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي سُورَةِ النُّورِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} إنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ».
وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ يَكُونُ الْمَعْنَى أَنْ تَبَرُّوا، أَيْ إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ عَنْ كَثْرَةِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)}.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في مسنده عن ابن عباس {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} يقول: لا تجعلني في عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير، ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير.
وأخرج عبد الحميد وابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: هو أن يحلف الرجل أن لا يكلم قرابته، أو لا يتصدق، أو يكون بين رجلين مغاضبة فيحلف لا يصلح بينهما، ويقول قد حلفت. قال: يكفر عن يمينه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: كان الرجل يحلف على الشيء من البر والتقوى لا يفعله، فنهى الله عن ذلك.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال: هو الرجل يحلف لا يصل رحمه، ولا يصلح بين الناس، فأنزل الله: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال: جاء رجل إلى عائشة فقال: إني نذرت إن كلمت فلانًا فإن كل مملوك لي عتيق، وكل مال لي ستر للبيت. فقالت: لا تجعل مملوكيك عتقاء، ولا تجعل مالك سترًا للبيت، فإن الله يقول: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا} الآية. فكفر عن يمينك.
وأخرج ابن جرير عن عائشة في الآية قالت: لا تحلفوا بالله وإن نذرتم.
وأخرج عبد الرزاق عن طاوس في قوله: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} قال: هو الرجل يحلف على الأمر الذي لا يصلح ثم يعتل بيمينه، يقول الله: {أن تبروا وتتقوا} هو خير من أن تمضي على ما لا يصلح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كان الرجل يريد الصلح بين اثنين فيغضبه أحدهما أو يتهمه، فيحلف أن لا يتكلم بينهما في الصلح، فنزلت الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال: حدثت أن قوله: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} الآية نزلت في أبي بكر في شأن مسطح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {والله سميع} يعني اليمين التي حلفوا عليها {عليم} يعني عالم بها، كان هذا قبل أن تنزل كفارة اليمين.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لأن يلج أحدكم في يمينه في أهله، أتم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض عليه».
وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم، ولا في معصية الله، ولا في قطيعة الرحم، ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليدعها وليأت الذي هو خير، فإن تركها كفارتها».
وأخرج ابن ماجة وابن جرير عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف على يمين قطيعة رحم أو معصية، فبره أن يحنث فيها ويرجع عن يمينه».
وأخرج مالك ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير».
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني- والله إن شاء الله- لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير، وتحللتها».
وأخرج مسلم والنسائي وابن ماجة عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرها خيرًا منها، فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه».
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك».
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن سعيد بن المسيب. أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث، فسأل أحدهما صاحب القسمة فقال: إن عدت تسألني القسمة لم أكلمك أبدًا، وكل ما لي في رتاج الكعبة. فقال له عمر: إنَّ الكعبة لغنية عن مالك، كفر عن يمينك وكلم أخاك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «لا يمين ولا نذر في معصية الرب، ولا في قطعية الرحم، وفيما لا تملك».
وأخرج النسائي وابن ماجة عن مالك الجشمي قال: «قلت: يا رسول الله يأتيني ابن عمي فاحلف أن لا أعطيه ولا أصله؟ قال: كفر عن يمينك». اهـ.

.سؤال: فإن قلت: كيف يلزم من ترك الحلف حصول البر والتقوى والإصلاح بين الناس؟

قلنا: لأن من ترك الحلف لاعتقاده أن الله تبارك وتعالى، أعظم وأجل أن يستشهد باسمه المعظم في طلب الدنيا، إن هذا من أعظم أبواب البر. اهـ.

.فوائد لغوية:

قال ابن عاشور:
والأَيمان جمع يمين وهو الحلف سمي الحلف يمينًا أخذًا من اليمين التي هي إحدى اليدين وهي اليد التي يفعل بها الإنسان معظم أفعاله، وهي اشتقت من اليمن وهو البركة، لأن اليد اليمنى يتيسر بها الفعل أحسن من اليد الأخرى، وسمي الحلف يمينًا لأن العرب كان من عادتهم إذا تحالفوا أن يمسك المتحالفان أحدهما باليد اليمنى من الآخر قال تعالى: {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم} [الفتح: 10] فكانوا يقولون أعطى يمينه، إذا أكد العهد.
وشاع ذلك في كلامهم قال كعب بن زهير:
حتى وضعت يمينى لا أنازعه ** في كف ذي يسرات قيله القيل

ثم اختصروا فقالوا صدرت منه يمين أو حلف يمينًا، فتسمية الحلف يمينًا من تسمية الشيء باسم مقارنه الملازم له، أو من تسمية الشيء باسم مكانه؛ كما سَمَّوا الماء واديًا وإنما المحل في هذه التسمية على هذا الوجه محل تخييلي.
ولما كان غالب أَيمانهم في العهود والحلف، وهو الذي يضع فيه المتعاهدون أيديهم بعضَها في بعض، شاع إطلاق اليمين على كل حَلِف، جريًا على غالب الأحوال؛ فأطلقت اليمين على قَسم المرء في خاصة نفسه دون عهد ولا حلف.
والقصد من الحَلِف يرجع إلى قصد أن يشهد الإنسان اللَّهَ تعالى على صدقه في خبر أو وعد أو تعليق، ولذلك يقوله: {بالله} أي أخبر متلبسًا بإشهاد الله، أو أعد أو أُعلِّق متلبسًا بإشهاد الله على تحقيق ذلك، فمِن أجْل ذلك تضمن اليمين معنى قويًا في الصدق، لأن من أشهد بالله على باطل فقد اجترأَ عليه واستخف به، ومما يدل على أن أصل اليمين إشْهاد اللَّهِ، قوله تعالى: {ويشهد الله على ما في قلبه} [البقرة: 204] كما تقدم، وقول العرب يَعْلم الله في مقام الحلف المغلظ، ولأجله كانت الباء هي أصل حروف القسم لدلالتها على الملابسة في أصل معانيها، وكانت الواو والتاء لاحقتين بها في القسم الإنشائي دون الاستعطافي.
ومعنى الآية إن كانت العرضة بمعنى الحاجز نهيُ المسلمين عن أن يجعلوا اسم الله حائلًا معنويًا دون فعل ما حلفوا على تركه من البر والتقوى والإصلاحِ بين الناس فاللاَّم للتعليل، وهي متعلقة بتجعلوا، و{أن تبروا} متعلق بعرضة على حذف اللام الجارة، المطرد حذفها مع أَنْ، أي ولا تجعلوا الله لأجل أن حلفتم به عرضة حاجزًا عن فعل البر والإصلاح والتقوى، فالآية على هذا الوجه نهي عن المحافظة على اليمين إذا كانت المحافظة عليها تمنع من فعل خير شرعي، وهو نهي تحريم أو تنزيه بحسب حكم الشيء المحلوف على تركه، ومن لوازمه التحرز حين الحلف وعدم التسرع للأيمان، إذ لا ينبغي التعرض لكثرة الترخص.
وقد كانت العرب في الجاهلية تغضب فتقسم بالله وبآلهتها وبآبائها، على الامتناع من شيء، ليسدوا باليمين بابَ المراجعة أو الندامة.
وفي الكشاف كان الرجل يحلف على ترك الخير من صلة الرحم، أو إصلاح ذات البين، أو إحسان، ثم يقول أخاف أن أحنث في يميني، فيترك فعل البر فتكون الآية واردة لإصلاح خلل من أحوالهم. اهـ.